الرئيس التونسي يطلق دعوة للحوار الوطني
الرئيس التونسي يطلق دعوة للحوار الوطني

بعد 3 شهور من قراراته بتجميد عمل البرلمان وحل الحكومة، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، عزمه إطلاق "حوار وطني" لمناقشة النظامين السياسي والانتخابي في البلاد، في محاولة جديدة لحل الأزمة السياسية في البلاد.

كما أبلغ وزير الخارجية التونسي، عثمان الجرندي، الولايات المتحدة يوم الأربعاء، بأن سعيد سيتخذ خطوات جديدة من شأنها طمأنة شركاء تونس. وأكد الجرندي أهمية استمرار الولايات المتحدة في دعم تونس لمواصلة "المسار التصحيحي".

فهل سيستطيع الحوار الوطني حل الأزمة السياسية المستمرة في البلاد منذ شهور؟

يقول المحلل السياسي والأكاديمي، الدكتور خالد عبيد، إن الحوار الوطني أمر ضروري، لأنه لا يمكن أن تحكم تونس من قبل شخص واحد أو مجموعة واحدة.

وأضاف عبيد في تصريحات لموقع قناة "الحرة" أن هذا الحوار يختلف عن سابقيه تماما، لأنه يعتمد بشكل أساسي على الشباب بعكس الحوارات السابقة التي تمت في 2013 و2016 و2017، التي اعتمدت على الأحزاب السياسية والمنظمات.

ووصف الرئيس التونسي الحوار المزمع عقده بـ"صادق ونزيه". وأشار  سعيد إلى أن هذا الحوار سيكون شبه استفتاء ويمكن أن يتم اجراء استفتاء بعد إعداد كل الضمانات ليحقق ارادة الشعب.

بدوره، يقول عضو مجلس شورى حركة النهضة، جلال الورغي، إنهم يرحبون بالحوار من حيث المبدأ، ولكنه شدد على "ضرورة أن يكون الحوار جديا وليس التفافا على المطالب المحلية والدولية التي تتطالب بالحوار لوضع خارطة طريق للأزمة في تونس".

وأضاف في تصريحات لموقع "الحرة" أن الحركة تعتبر كل دعوة للحوار هي سبيل لحل الأزمة في البلاد، وأشار إلى أن "إعلان الحوار جاء بطريقة منفردة من الرئيس التونسي دون التشاور مع الأطراف السياسية، بما يكرس لرؤيته الفردية".

لا بديل عن الحوار

أما الملحق الإعلامي للأمين العام لاتحاد الشغل، غسان القصيبي، فيرى أنه لا بديل عن الحوار وإرساء نقاش تونسي-تونسي.

وأضاف في تصريحات لموقع قناة "الحرة" أن الاتحاد يرحب بأي حوار يفضي إلى نتائج حقيقية تخرج البلاد من الفترة الغامضة التي تعيشها البلاد. وتابع: "المهم إيجاد الحلول في إطار تشاركي ديمقراطي. نحن نريد حوارا يفضي إلى نتائج ولا يفضي إلى أزمة جديدة".

من جانبه، قال المحلل السياسي كمال بن يونس، إن الدعوة للحوار مطلب وطني نادت به جميع القوى السياسية والأحزاب في تونس. ولفت إلى أن هذا الحوار يشبه حوار الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 2010، وإعلانه إطلاقه حوار مع الشباب، الذي قالت السلطات وقتها أنه جذب مشاركة مليوني شاب تونسي،. 

وظهر الخلاف الحاد والصراع السياسي في البلاد منذ شهور بين الرئاسة والحكومة والبرلمان ما أدخل البلاد في دوّامة تعطلت على إثرها عجلة الدولة.

وفي 25 يوليو، أعلن سعيد تجميد أعمال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتولي السلطات في البلاد، بناء على الفصل 80 من الدستور الذي يخوله اتخاذ تدابير في حالة "خطر داهم مهدد لكيان الوطن".

وفي 22 سبتمبر، صدرت تدابير "استثنائية" بأمر رئاسي أصبحت بمقتضاه الحكومة مسؤولة أمامه فيما يتولى بنفسه إصدار التشريعات عوضا عن البرلمان، ما اعتبره خبراء تمهيدا لتغيير النظام السياسي البرلماني في البلاد الذي نص عليه دستور 2014.

كما قرّر سعيّد رفع الحصانة عن النواب وتعليق رواتبهم والمنح المالية التي كانوا يتقاضونها.

وفي 11 أكتوبر، أقر سعيد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة نجلاء بودن، والمؤلفة من 24 وزيرا، بينهم 9 سيدات.

الرئيس التونسي أقر تشكيل الحكومة الجديدة في 11 أكتوبر

المشاركون في الحوار

لدى لقاء سعيد بوزير تكنولوجيا الاتصال، نزار بن ناجي، الجمعة، قال سعيد إن الحوار سيكون عبر تطبيقات رقمية للتواصل بشكل مباشر مع التونسيين واجتماعات مباشرة مع المواطنين في كل معتمديات البلاد لبلورة التصورات والمواقف والمطالب المطروحة من قبل التونسيين بشكل مباشر.

وأوضح الرئيس التونسي  إن "الشباب في كامل التراب التونسي" سيشاركون في الحوار الوطني. وشدّد على أن الحوار "لن يشمل كلّ من استولى على أموال الشعب أو من باع ذمّته إلى الخارج" ، وفق بيان صادر عن مؤسسة الرئاسة.

كما توقع عبيد أن تشارك القوى الشبابية وبعض المنظمات والمؤسسات الوطنية والسياسية التي ساندت رئيس الجمهورية في قراراته، بالحوار واستبعد مشاركة حركة النهضة في هذا الحوار، وقال: "حتى وإن رغب رئيس الجمهورية في مشاركة حركة النهضة، فإن جزء كبير سيرفض ذلك ويرفض نتائجه"، بحسب قوله.

وأشار إلى أنه سيشارك فيه كل محافظات ومناطق الجمهورية التونسية عن بعد، فضلا عن الاستمارات التي سيتم توزيعها على الشباب لجمع اقتراحاتهم.

يقول الورغي إن حركة النهضة لا تزال تنتظر أن يبادر رئيس الجمهورية بإعلان طبيعة الحوار والقضايا التي سيتناولها، قبل أن تقرر مشاركتها في الحوار أم لا، مضيفا "نحن نريد حوارا جديا".

وأضاف بن يونس أن دعوة سعيد جاءت للشباب والتنسيقيات التي تعبر عنهم في المدن فقط، وليس للأطراف والأحزاب السياسية، مشيرا إلى أن "سعيد من قبل انتخابه، وحتى الآن غير مقتنع بالأحزاب والجمعيات والنقابات، ويرى بعضها متورطا في تمويل خارجي وشبهات فساد".

بدوره، قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، اليوم السبت، إن الديمقراطية لا تكون دون أحزاب، ومعاقبة الأحزاب تكون عبر صناديق الاقتراع و لايمكن استبدالها باللجان الشعبية. 

و دعا الطبوبي إلى ضرورة توضيح الخيارات السياسية للمرحلة المقبلة والحوار دون إقصاء .

وقال القصيبي إن العالم بأسره يقر أنه لا حوار وطني في تونس دون مكونات المجتمع المدني، في مقدمتهم الاتحاد العام التونسي للشغل، مشيرا إلى أن ما أقره البرلمان الأوروبي في لائحته الخاصة بالوضع في تونس رسالة واضحة للجميع في الداخل وفي الخارج.

وكان البرلمان الأوروبي قد أصدر قرارا، الأسبوع الماضي، دان فيه استئثار سعيد  بالحكم، ودعا لحوار وطني شامل وفعال يشمل  مكونات المجتمع التونسي.

خلال الأسابيع الماضية شهدت تونس مظاهرات مؤيدة ومعارضة لقرارات سعيد

"لن يكفي"

أما عن إمكانية أن يساهم الحوار في حل الأزمة السياسية بالبلاد، فيرى يونس أنه خطوة جيدة ولكنها ليست كافية لحل الأزمة. ويؤكد أن أي اتفاق أو تفاهمات سيخرج به حوار سعيد مع الشباب لن تؤثر على المشهد السياسي، وسيبقى الأمر كما هو عليه. 

وأرجع ذلك إلى أن الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة في المشهد لسياسي التونسي لكن تكون مدعوة. وأوضح أنه في حالة دعوتها لن تشارك في حوار تتحكم فيه مؤسسات الرئاسة.

ويقول الورغي إن هذا الحوار "يقفز على المشهد السياسي والقوى الوطنية، ويكرس الأزمة السياسية في البلاد ويعقدها بدلا من حلها".

لكن النائب السابق، مراون فلفال، يرى أن هذا الحوار خطوة أساسية لحلحة الوضع السياسي المتأزم في البلاد والذي أدى إلى قرارات 25 يوليو. 

وقال فلفال في تصريحات لموقع قناة "الحرة"  إن حوار الرئيس قيس سعيد يعتمد على مبدأ المشاركة للشعب في الحوار من خلال الشباب، لضمان وصول رأي الناس إلى السلطة مباشرة.

وأكد أنه لكي يكون الحوار ناجحا وفاعلا، لابد من أن يجمع المنظمات والشخصيات الوطنية التي تعبر عن العمال والفلاحين، وكذلك الأحزاب السياسية.

من جانبه، قال عبيد أنه لا يمكن التكهن بقدرة الحوار على حل الأزمة السياسية، ويجب الانتظار حتى يتم استخلاص النتائج.

أما عن الملفات التي سيتناولها الحوار، فنقلت وكالة الأنباء التونسية عن سعيد قوله إن هذا الحوار "سيتم في إطار سقف زمني متفق عليه وضمن آليات وصيغ وتصورات جديدة في إطار مؤتمر وطني". وأكد أن هذا الحوار سيكون "مختلفا تماما عن التجارب السابقة" إذ يتطرّق إلى عدّة مواضيع أهمها النظامان السياسي والانتخابي في البلاد.

ويقول فلفال إن الحوار سيناقش قضيتين أولهما: الوضع الاقتصادي ومجالات الإصلاح، لأنه هذا الإصلاح هو الذي سيضم للدولة سيادتها وللشعب رفاهيته. وثانيا: النظام السياسي الذي سيخلص البلد من أزمتها الحالية، ويحقق مبدأ المسؤولية والمحاسبة.

قيس سعيد عزز سلطاته بشكل كبير على البلاد
قيس سعيد عزز سلطاته بشكل كبير على البلاد

وسط أجواء من الترقب، يبدو مصير الانتخابات الرئاسية في تونس مجهولا، وفقا لتقديرات مراقبين، حيث "لا تتوافق شروط الترشح بين القانون والدستور"، كما لم تُعلن الهيئة المستقلة للانتخابات، الجدول الزمني والإجرائي للاستحقاق الرئاسي، واكتفت بالإشارة إلى أن الانتخابات ستعقد في الخريف القادم بين شهري سبتمبر وأكتوبر.

ويؤكد خبراء ومحللون تحدثوا مع موقع "الحرة" أن "الغموض الذي يحيط بتحديد روزنامة الانتخابات الرئاسية في تونس، يبعث المزيد من القلق حول مصيرها، فيما ذهب البعض ليتوقع تأجيلها حتى العام المقبل لحين إجراء تعديلات على قانون الانتخابات لعام 2014، والذي لا تتطابق شروط الترشيح فيه مع ما جاء في الدستور الذي تمت الموافقة عليه في عام 2022".

واحتكر قيس سعيّد (64 عاما) المنتخب ديموقراطيا في أكتوبر 2019، كامل الصلاحيات في 25 يوليو 2021، ويحكم منذ ذلك الحين بمراسيم رئاسية، ويمكنه إقالة رئيس الحكومة أو وزرائه في أي وقت.

كما عدّل الدستور في استفتاء أجري في صيف عام 2022، واعتبره امتدادا لعملية "تصحيح المسار"، حيث منحه الدستور صلاحيات واسعة، ممّا يخالف النظام البرلماني المعمول به منذ العام 2014.

"روزنامة" الانتخابات 

ويصف أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة سوسة، أمين محفوظ خلال اتصال هاتفي مع موقع "الحرة"، عدم تحديد الجدول الزمني والإجرائي للانتخابات بـ"لخبطة قانونية مستمرة".

ويقول: "عدم تحديد الهيئة المستقلة للانتخابات موعدا واضحا لانتخابات الرئاسية في البلاد أمر غير طبيعي. لأن أي دولة تحترم الدستور والقانون، كان يجب عليها أن تعلن عن روزنامة واضحة للانتخابات سواء كانت انتخابات نيابية أو انتخابات رئيس الجمهورية".

ويضيف: "مسؤولية تحديد روزنامة الانتخابات الرئاسية تقع على عاتق الهيئة طبقا للدستور، وبخلاف ذلك فهذا أمر غير قانوني".

ويؤكد أستاذ القانون الدستوري أن دستور عام 2022، لم يمنح الهيئة المستقلة للانتخابات صلاحيات تحديد توقيت واضح للانتخابات الرئاسية، وجعل الأمر في يد رئيس الجمهورية.

وهو ما يؤكده أيضا المحلل السياسي التونسي صلاح الدين الجورشي، والذي يقول في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة" إن الهيئة المستقلة للانتخابات لا يمكنها أن تبادر في تحديد الروزنامة الانتخابية، مما دفع الكثير من المعارضة "للتشكيك في مصداقيتها".

ويضيف: "هناك أزمة ثقة فيما يتعلق بالهيئة المستقلة للانتخابات وبين جزء كبير من أطراف المعارضة الذين يعتزمون الترشح للانتخابات المقبلة".

ويعبر الجروشي عن قلقه إزاء عدم الوضوح والتردد في الإعلان عن جدول زمني للانتخابات، مما "يعزز الانتقادات حول استقلالية الهيئة الانتخابية وتأثيرها المحتمل على نتائج الانتخابات".

ولم يعلن سعيّد بعد نيته الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكنه قال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام، فبراير الماضي، إن "الانتخابات ستجري في موعدها"، وأنه "تم احترام كافة المواعيد الانتخابية السابقة".

إلى ذلك، يعتبر المحلل السياسي التونسي خليل الرقيق خلال اتصال هاتفي مع موقع "الحرة"، أن عدم الإعلان عن جدول زمني للانتخابات يأتي في إطار "الحالة الاستثنائية السياسية التي تعيش فيها تونس".

لكنه يُقر في نفس الوقت بأن الهيئة المستقلة للانتخابات "تجد نفسها الآن في حرج، خصوصا إذا لم يحدد الرئيس سعيّد موعد الانتخابات قبل نهاية ولايته بـ3 أشهر".

ويضيف: "الهيئة في كل الأحوال تنتظر ما إذا كانت هناك دعوة من الرئيس في يونيو، فبالتالي ستحدد الانتخابات في سبتمبر. أما إذا دعا الرئيس في يوليو إلى الاقتراع، ستجرى الانتخابات في أكتوبر. وهذا هو المرجح الآن".

القانون لا يتوافق مع الدستور

ويتعارض القانون الانتخابي لعام 2014 مع الدستور التونسي لعام 2022، إذ يؤكد أمين على أن وجود شروط الترشح لانتخابات الرئاسة في القانون الانتخابي لا تتوافق مع الشروط المستحدثة في الدستور الذي أقر قبل أكثر من عام تقريبا، يشير إلى أن "البيت القانون غير مرتب لإجراء انتخابات".

ويقول: "كان من الضرورة أن تكون هناك مبادرة تشريعية سواء من طرف الرئيس أو النواب، للمصادقة على تعديل القانون، لأن الشروط الواردة في دستور 2022 والمتعلقة بالانتخابات الرئاسية تختلف تماما عن قانون 2014، وهو ما وضع الجميع اليوم في ورطة قانونية".

وينص الدستور التونسي لعام 2022 على أن "الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكلّ تونسي أو تونسية غير حامل لجنسية أخرى مولود لأب وأم، وجد لأب، وجد لأم تونسيين، وكلّهم تونسيون دون انقطاع. ويجب أن يكون المترشح أو المترشحة، بالغا من العمر أربعين سنة على الأقل ومتمتعا بجميع حقوقه المدنية والسياسية".

في المقابل ينص القانون الانتخابي لعام 2014، على أن "يحق لكل ناخبة أو ناخب تونسي الجنسية منذ الولادة، دينه الإسلام الترشّح لمنصب رئيس الجمهورية. ويشترط في المترشح يوم تقديم ترشحه أن يكون بالغا من العمر خمسا وثلاثين سنة على الأقل. وإذا كان حاملا لجنسية غير الجنسية التونسية فإنه يقدم ضمن ملف ترشحه تعهدا بالتخلي عن الجنسية الأخرى عند التصريح بانتخابه رئيسا للجمهورية".

بدوره، يقول الرقيق، إن "الملائمة بين القانون والدستور من الممكن أن تتم عبر مبادرة تشريعية لتعديل القانون الحالي خلال المرحلة المقبلة، وهو الأمر الذي قد يلقى معارضة، خصوصا أنه قد يفتح الباب أمام تأجيل الانتخابات لعام آخر من أجل تعديل القانون".

ويضيف: "هذا الأمر يحسمه خروج رئيس الجمهورية ودعوة الناخبين للاقتراع في يوم محدد".

لكنه عاد ليقول: "حتى إذا كان هناك مبادرة تشريعية لتعديل القانون وتأجيل الانتخابات، فتونس اليوم في وضع غير عادي، ولا زلنا تحت الإجراءات الاستثنائية في الانتقال من دستور 2014 إلى مسار 25 يوليو، وبالتالي يجب أن تكون جميع الإجراءات الانتخابية والشروط واضحة".

عن أداء الحكومة والثقة بسعيّد.. مواقف متباينة بشأن مؤسسات تونس
كشف استطلاع جديد للرأي بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية في تونس، فئة عريضة من التونسيين لا تزال "متفائلة وتثق" في الرئيس قيس سعيد، إلا أنهم "بدأوا يفقدون الأمل" في ظل عدم تحقق وعود تحسين الوضع الاقتصادي التي قدمها.

بدوره، يعتبر محفوظ أن "ولاية قيس سعيّد قد انتهت مع دخول دستور 2022 حيز التنفيذ"، ويُجادل محفوظ بأن "سعيّد تم انتخابه وفقا لدستور عام 2014".

وينتقد محفوظ دستور 2022 والذي "لم يضع بشكل واضح مواعيد محددة للانتخابات الرئاسية، لضمان سير العملية الديمقراطية بشكل سليم، كما حدث مع تحديد تاريخ انتخابات المجلس التشريعي".

ويضيف: "قيس سعيّد يمارس صلاحيات منصبه كرئيس للجمهورية دون وجود سند دستوري واضح، نظرا لانتهاء ولايته مع دخول دستور 2022 حيز التنفيذ".

مقاطعة المعارضة

أعلنت جبهة الخلاص الوطني، ائتلاف المعارضة الرئيسي في البلاد، مقاطعتها الانتخابات الرئاسية القادمة، نظرا إلى عدم توافر شروط انتخابات "نزيهة وديمقراطية".

وقال رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي، في مؤتمر صحفي، الثلاثاء، إن "الجبهة ترفض المشاركة في أي إخراج مسرحي باسم الانتخابات. وجبهة الخلاص لن ترشّح أي أحد من داخلها أو خارجها".

في المقابل أعلنت أحزاب سياسية ترشيح أسماء للانتخابات الرئاسية، بما فيهم رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، المسجونة حاليا بتهمة "الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة وإثارة الفوضى"، وذلك في إطار حملة بدأتها السلطات ضد سياسيين معارضين.

وستكون الانتخابات المقبلة مختلفة وستجرى في ظروف مغايرة، حسب الجورشي، "حيث تظل القضايا الرئيسية في البلاد يتحكم بها بشخص الرئيس سعيّد فقط".

ويضيف: "يعكس التردد الطاغي على المشهد الانتخابي رغبة رئاسة الجمهورية في تفادي المفاجآت خلال العملية الانتخابية".

وتعتبر المعارضة في تونس أن الرئيس سعيّد يتجه نحو الترشح بشكل فردي، خاصة مع استبعاد العديد من المرشحين لأسباب قانونية وسياسية وإعلان البعض مقاطعة الانتخابات، وفق الجروشي، الذي يقول: "مجريات الانتخابات المقبلة ستكون حاسمة وسيتوقف مسار العملية السياسية على الأجواء التي ستسودها".

ويضيف: "شروط الترشح أثارت ردود فعل معارضة، حيث أدت إلى انسحاب العديد من الراغبين في الترشح".

في المقابل يعتبر الرقيق، أن إعلان جبهة الخلاص، مقاطعة الانتخابات "مناورة سياسية"، حيث تبحث "عن مرشح غير معروف ولا يحمل طابع الإسلام السياسي أو الإخواني".

ويضيف: "جبهة الخلاص لا يمكن اعتبارها معارضة، لأنها سلطة سابقة في تونس، وهي تحاول الاختباء وراء مرشحين مفترضين لإعادة التموضع في المشهد السياسي وربما تصفية المشاكل القانونية المتراكمة على حركة النهضة، خصوصا أن الرئيس سعيّد يرفض العودة إلى الوراء".

ومنذ فبراير الماضي، شنّت السلطات حملة اعتقالات واسعة استهدفت العديد من المعارضين السياسيين بمن فيهم قياديون من الصف الأول في حزب النهضة، بما في ذلك زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي والقيادي في جبهة الخلاص الوطني، جوهر بن مبارك، فضلا عن عدد من الوزراء السابقين ورجال الأعمال.

هل من منافس؟

اتفق الخبراء والمحللون على أن سعيّد قريب من إعادة انتخابه حال عدم وجود اتفاق بين المعارضة على مرشح منافس، إذ يقول الرقيق إن الرئيس سعيّد سيفوز بالانتخابات من الدور الأول للبقاء في السلطة 5 سنوات أخرى، "إذا لم يظهر أي مرشح يغير موازين القوى. وهو ما لم يظهر حتى الآن".

بدوره يقول الجروشي إن "مناخ المنافسة ستحدده شروط الترشح القانونية وكيفية تعامل المعارضة مع هذا الأمر".

ويضيف: "المناخ السياسي في تونس متأزم وبالتالي لن يكون هذا في صالح المعارضة التي هي أمام السؤال الكبير: هل تخوض الانتخابات وفق الشروط الحالية، وهذا يجعلها في منافسة غير متوازنة أم تقاطع الانتخابات وتعارض حقها في الترشح؟".

ويرى الجروشي أن "المسار الحالي يتجه إلى إعادة انتخاب الرئيس قيس سعيّد".

"بوليس إعلامي".. تصاعد التوتر بين الصحفيين والسلطات في تونس
أعاد الخلاف بين نقابة الصحفيين التونسيين وهيئة الانتخابات في تونس، الجدل مجددا حول واقع الحريات الصحفية في البلد الذي سجل أول حضور في دفتر الربيع العربي.

وعلقت نقابة الصحفيين التونسيين، الجمعة، تنسيقها مع هيئة الانتخابات، اعتراضا على لفت نظر أرسلته الهيئة إلى موقع "نواة" الإخباري، احتجاجا على مقال نشره الموقع عن "توظيف القضاء خدمة للسلطة السياسية".

لكن إذا اتفقت المعارضة على مرشح وحيد، يمكن أن تحدث مفاجأة، حسب الجروشي، الذي يعتبر أنه "على الأقل في حال الفوز لن يحصل سعيّد على نفس النسبة التي حصل عليها في الانتخابات الماضية".

وفي انتخابات عام 2019، فاز أستاذ القانون الدستوري، الذي حظي بتأييد كبير بين الشباب، برئاسة تونس بنسبة 71.72 بالمئة من الأصوات، حسب النتائج الرسمية التي الهيئة المستقلة للانتخابات.

في المقابل، يُحذر محفوظ من أن الوضعية القانونية الحالية قد تؤدي إلى تدهور الأوضاع السياسية في تونس وتعقد العلاقات الدولية، "ومن الضروري إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن لتجنب الفوضى والتوتر الداخلي، مع عدم إضافة شروط جديدة تستبعد المنافسين الجادين".

ويُشدد محفوظ على ضرورة تغيير سلوك الهيئة المستقلة للانتخابات لضمان حياديتها وشفافيتها، إذ يلفت الانتباه إلى أن "نقاط الضعف في استقلالية الهيئة تتسبب في تدخل رئيس الجمهورية في شؤونها، وهي الصلاحيات التي منحها إياه الدستور الجديد من خلال إمكانية تغيير رئيس الهيئة أو أعضائها".